في ظل أصول الإسلام - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٣١٨
هذا كله على فرض كون المستثنى هو (المسجد) وقد عرفت كون الحديث أجنبيا عن السفر إلى غير المساجد وبما أن المستثنى هو (المسجد) فالمناسب هو كون المستثنى منه من هذا القبيل.
وأما على التقدير الثاني وهو تقدير الأماكن وما يقاربه ويعادله، فلازم ذلك أن تكون كافة الأسفار محرمة غير السفر إلى المساجد الثلاثة، وهل يلتزم بذلك مسلم، وهل يفتي به أحد؟
ولو كان الحديث بصدد منع كافة الأسفار المعنوية فكيف كان النبي والمسلمون يشدون الرحال في موسم الحج إلى عرفات والمشعر ومنى؟
وهذا دليل على أن " المستثنى منه " هو المساجد لا الأماكن.
أضف إلى ذلك أن الذكر الحكيم والأحاديث الصحيحة قد حثا على السفر إلى طلب العلم والجهاد في سبيل الله وصلة الرحم وزيارة الوالدين قال سبحانه:
* (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) * (1).
مضافا إلى ما ورد في السفر للرزق، فلو كان الحكم في حديث النهي عن شد الرحال عاما، فما معنى هذه التخصيصات الكثيرة الوافرة التي تنافي البلاغة، وتزيل الحصر؟
وهناك كلمة قيمة للغزالي في " إحياء العلوم " يقول:
القسم الثاني هو: أن يسافر لأجل العبادة إما لحج أو جهاد...

(٣١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 313 314 315 316 317 318 319 321 322 323 324 ... » »»