الغلامان أشدهما ويستخرجان كنزهما.
وأي علم أعلى وأرفع من علوم هذا العبد الصالح الذي لا تحيط بها المقاييس والموازين.
فلو قال رجل مسلم بأن بين عباد الله سبحانه رجالا صالحين هم خزنة للعلم والأسرار يرون ما وراء الحجب ويقفون على الحوادث والآجال بإذنه سبحانه وتعليمه فإنما يريدون مثل هذا، لا غير.
وأما العلم بالمغيبات من دون اكتساب ولا تحصيل من مصدر أعلى فإنما هو يختص بالله سبحانه فهو عالم الغيب والشهادة بلا تعليم وكسب، فأين المتناهي من اللا متناهي؟ وأين الممكن من الواجب؟ وأين الفقير من الغني؟ وأين المتعلم من العالم بالذات، إذن فلا يلزم من نسبة التعرف على الغيب في موارد خاصة، وعلى نحو الاكتساب إشراك العبد مع الرب، والفقير مع الغني تعالى:
* (فما لهؤلاء القوم لا يفقهون حديثا) *.
وثانيا: أن ما قام به صاحب موسى من الأعمال البديعة تعرب عن كونه ذا قدرة متصرفة في عالم التكوين على وجه لا يراه من صاحبه وجاوره فها هو خرق السفينة أمام أعين صاحبها وركابها ولم يره أحد.
فقد تصرف في العيون والأبصار على وجه لم يقفوا معه على فعله، ليحولوا بينه وبين ما يريد.
كما أنه قتل غلاما في الطريق وبنى الجدار ولم يعرف بفعله أحد.
وما هذا إلا دليل بارز على قدرته على التصرف في الأبصار والأنظار.