في ظل أصول الإسلام - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ١٧٤
1 - صاحب موسى - عليه السلام وأعماله الخارقة:
إن الذكر الحكيم يتعرض لذكر عبد من عباد الله أعطاه الله سبحانه رحمة من عنده وعلمه من لدنه علما، وبلغ في العلم إلى درجة أن كليم الله - عليه السلام طلب منه أن يتبعه حتى يعلمه مما علم ويسترشد برشده، ولكنه رفض ذلك قائلا: بأنه لا يستطيع معه صبرا وكيف يصبر على ما لم يحط به خبرا. غير أن الكليم أصر على التبعية والمصاحبة، ووعده بأن يجده صابرا ولا يعصي له حكما. غير أن ذلك العبد الصالح اشترط عليه بأنه إن رأى منه فعلا عجيبا لا يسأله عن سببه حتى يكون هو الذي يشرح له.
فركبا في السفينة، فخرق ذلك العبد الصالح السفينة من دون سبب ظاهر فاستولت الوحشة على موسى فقال له معترضا: * (أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا) *، فأجابه بأنه قد خالف ما أخذه عليه من الشرط.
فلما نزلا من السفينة لقيا غلاما فقتله ذلك الرجل من دون جرم بين واستولت على موسى الدهشة ثانية، وقال: * (أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا) *، فأجابه بما قاله له في المرة الأولى.
ثم إنهما أتيا قرية واستطعما أهلها، فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض ويتهاوى فأقامه من دون أجرة فاعترض عليه موسى بقوله: * (لو شئت لاتخذت عليه أجرا) *، فقال المصاحب: * (هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا) * (1).

(١) الكهف: ٦٠ - 82.
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»