في ظل أصول الإسلام - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ١٧٢
وكادوا أن يزاحموا الملائكة المقربين.
وفي حقهم يقول أمير المؤمنين - عليه السلام:
" ما برح لله، عزت آلاؤه، في البرهة بعد البرهة وفي أزمان الفترات عباد ناجاهم في فكرهم وكلمهم في ذات عقولهم " (1).
أجل إن الإيمان المحض والعبودية الخالصة، يرفعان بالإنسان إلى درجة يستطيع معها صاحبها أن يتصرف في الكون إذا أراد بإذن الله سبحانه، ويخرق القوانين الطبيعية بمشيئته تعالى. ولقد بين الذكر الحكيم بعض أعمالهم وأفعالهم التي تبهر العقول وتدهش العيون، وهم بين نبي اصطفاه الله سبحانه لهداية الناس ومده بالبينات، وزوده بالمعجزات، ورجل صالح مخلص لا يدرك له شأو ولا يشق له غبار، وهم وإن لم يكونوا بأنبياء ولكن يغبطهم بعض الأنبياء، على منازلهم، ومقاماتهم.
وها هو علي - عليه السلام يعرفهم بقوله:
" هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة، وباشروا روح اليقين، واستلانوا ما استوعره المترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون وصحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى، أولئك خلفاء الله في أرضه والدعاة إلى دينه " (2).
إن هؤلاء الأبدال قد منحوا هذه المنزلة الرفيعة بفضل العبودية وسلوك سبيل الطاعة، فعلموا بما لم يعلم به الناس، ووقفوا على علم الحوادث

(1) نهج البلاغة، الخطبة: 217.
(2) المصدر نفسه: قصار الحكم: 147.
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»