في ظل أصول الإسلام - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ١٧٣
والوقائع التي يبتلى بها الناس، وتصرفوا في الكون تصرفا بديعا خارجا عن السنن العادية إلى غير ذلك مما لهم من المثل والفضائل.
إن العبادة التي يتصور أكثر الناس أن آثارها تنحصر في دفع العذاب والعقاب وجلب الثواب، تمنح النفس قدرة عظيمة يكون بها صاحبها مثلا لله سبحانه، ولله المثل الأعلى، وتعالى عن الند والمثل.
إن سلوك طريق العبودية والانتهاء عن المحرمات والالتزام بالواجبات والمستحبات، والإخلاص في القول والعمل ذو أثر عظيم وعميق في تزويد النفس بقدرة خاصة خارقة للقوانين والسنن الكونية لأهداف عالية، إلى هذا يشير الحديث القدسي: " ما تقرب إلي عبد بشئ أحب إلي مما افترضت عليه، وأنه ليتقرب إلي بالنافلة فإذا أحببته، كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ولسانه الذي ينطق به، ويده التي يبطش بها، إن دعاني أجبته، وإن سألني أعطيته " (1).
فكم في المؤمنين بالله من ذوي الرتب العلوية، رجال وأبدال شملتهم العناية الإلهية، فجردوا أنفسهم عن أبدانهم، حينما أرادوا معاينة الحقائق، واطلعوا على الأسرار، على غرار اطلاع يعقوب على مصير ابنه، واطلاع يوسف على الغامض من حياة صاحبيه في السجن.
وها هنا نعرف ببعض من وصل إلى ذلك المقام على ضوء القرآن الكريم:

(١) الوسائل: ج ٣، الباب ١٧ من أبواب إعداد الفرائض برقم 6.
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»