شرح القصيدة الرائية ، تتمة التترية - الدكتور جواد جعفر الخليلي - الصفحة ٢٠٥
موضوع واحد فتاوى متغايرة وعندما يلفتون نظره لذلك يقول هكذا أفتينا وهكذا نفتي، فكأنه لا كتاب ولا سنة وله أن يغير ويبدل حسب أهواءه حتى لضاق على المسلمين ذلك وما باتوا فيه من الكبت وسلب الحريات الفكرية والبدنية فقد منعهم من الحديث ومن إبداء الرأي كما منع الصحابة من الخروج من المدينة كل ذلك بخلاف ما جاء به الإسلام من الحرية الفكرية ونشر المعارف الإسلامية وحرية الفرد في الذهاب والإياب، ونتج من هذا الكبت المستمر على النخبة وخيار الصحابة وباقي المسلمين خلق جيل وأفراد يظهرون خلاف ما يظنون هذا في العارفين العالمين وخلق جيل جديد وبعيد عن مبادئ الإسلام، وبعيد عن الروح الإسلامية الطلقة السمحاء حيث يقول تبارك وتعالى (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)، ( وما جعل الله في الدين من حرج)، فالخليفة لا يعطيك مجال للتحدث ولا يعطيك مجال لإبداء الرأي ويبث الجواسيس في الداخل والخارج فإذا سمع كلمة قالها مسلم في الشام طلب إحضاره وإذا فهم أحد طالع كتاب أو امتدحه أرسل عليه وأوجعه ضربا وإذا سأله سائل تفسير آية تركه تحت درته وحتى ربما أدى به إلى الموت كما عمل ذلك مع صبيغا (1) وسيأتي ذكره والخليفة على هذه السيرة كالأب الغشوم على أولاده مضيقا عليهم أنفاسهم في القول ومضيقا عليهم رزقهم وهو موسر فخلق منهم أولادا منافقين يبطنون ما لا يظهرون والرعية يجدون فيه التغيير والتبديل والتبعيض فهو يفضل البعض على البعض في العطايا وهو يخالف قوله في أعماله إذ يقول يجب أن نقدم البدريين على الأحديين والأحديين على من يليهم ويقدم المهاجرين على الأنصار ويقدم الاثنين على الطلقاء ولكنه عملا فوض الأمر إلى الطلقاء وضرب على أيدي السابقين الأولين ونكبهم وأخفى وصايا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأحاديثه فيهم ليفعل ما يشاء حتى ملت الصحابة ومل المسلمون حكمه رغم أن زمنه زمن الفتوحات وكيل الغنائم، ولم يكن تناقضه هذا

(1) كل ذلك وما سيأتي في موسوعتنا أخص الكتاب الرابع من موسوعة المحاكمات (كتاب عمر).
(٢٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 ... » »»