سياسة الأنبياء - السيد نذير يحيى الحسيني - الصفحة ٥٩
تعالى، في تحركاتهم، وفي حوارهم مع المستكبرين، فهم لا يواجهون الأعداء بعصبية الجاهلية بل يواجهوهم بروح الرسالة الإلهية النازلة من السماء لترفع الناس الله تعالى.
فهذا صالح (عليه السلام) وهو يحاور قومه ويحاورونه، يحاورونه بالتهديد والوعيد تارة وبالغدر والخيانة أخرى ويحاورهم بهدوء الرسالة ووحيها وبعبقات الإيمان التي يمتلكها فقال لهم:
* (قال يا قوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون) * (1) حوار هادي يثير أمامهم التساؤل والاستغفار ويترك الجواب إلى وجدانهم ونفوسهم فهو يقول لهم لماذا هذا الاستعجال بالسيئة؟ لماذا لا تستغفرون الله؟ ما هو السر في ذلك؟ كل ذلك يطرحه على مسامعهم بأسلوب التودد والتقرب إليهم لينقذهم من الضلال لا بأسلوب المنة والفضل، فلتكن كل دعوات العاملين إلى الله بهذا الأسلوب المنفتح البعيد عن التشنج والعصبية.
ثانيا: - تذكيرهم بالنعم كثيرا ما ينسى الإنسان ما يحل به سواء كانت نعمة أو نقمة، فلا يتخذ الظروف السهلة والصعبة درسا يستفيد منه في حياته بل تمر عليه تلك الظروف مر السحاب من دون أن تنزل مطرها على حياته لتسقيها كيفية المواجهة مع تقلبات الحياة ومطباتها.
فاتبع صالح (عليه السلام) سياسة التذكير، تذكيرهم بنعم الله بعدما نسوها، تذكيرهم بتلك النعم التي أنعم الله بها عليهم، فهو يذكرهم بها واحدة بعد واحدة ابتداءا من جعلهم خلفاء من بعد عاد، ثم اتخاذهم القصور ونحت الجبال كبيوت، وبعد كل هذا يثير في أنفسهم سؤال هو أنه هل يترك الإنسان من دون امتحان وبلاء؟ هل يخلد الإنسان في هذه الدنيا؟ وهل تبقى هذه النعم دائمة لا تزول؟ كل ذلك يطرحه أمامهم بهذه العبارة:

(٥٩)
مفاتيح البحث: الجهل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 ... » »»