رسالتان حول العصمة - الشيخ الصافي - الصفحة ١١٣
ربانية دائمة تصرفهم عن ترك الأولى وتدفع عن قلبهم غطاء السهو و حجاب النسيان.
وأما بالنسبة إلى نبينا صلى الله عليه وآله وأوصيائه وخلفائه الاثني عشر عليهم السلام فحيث أنهم في أعلى مراتب القوة القدسية والنورانية الربانية، ولا تفوق رتبتهم في الحضور عند المولى والجلوس على بساط قربه وأنسه رتبة، فعدم صدور ترك الأولى عنهم كعدم صدور المعاصي في نهاية الوضوح يظهر ذلك لكل من درس تاريخ حياتهم النورانية وأخلاقهم الإلهية، وأدعيتهم ومناجاتهم، وخشيتهم من الله تعالى وإنابتهم إليه وانقطاعهم عن الخلق فهم أكمل المظاهر لإخلاص العبد وترك الاشتغال بغير الله تعالى لا يصدرون إلا عن أمره كل فعالهم محمودة مرضية وكل حالاتهم حميدة شريفة لا تؤثر في وجودهم الدواعي إلا داعي الله وعن الاشتغال بغيره وامتثال أوامره ونواهيه، قد خرقت أبصار قلوبهم حجب النور فوصلت إلى معدن العظمة، وصارت أرواحهم معلقة بعز قدسه، جباههم ساجدة لعظمته وعيونهم ساهرة في خدمته، ودموعهم سائلة من خشيته وقلوبهم متعلقة بمحبته وأفئدتهم منخلعة من مهابته انقطعت همتهم إليه، وانصرفت رغبتهم نحوه، لقائه قرة أعينهم وقربه غاية سؤلهم.
إذا فكيف يصدر ترك الأولى ممن بعض شؤونه وحالاته ما سمعت رزقنا الله تعالى محبتهم وولايتهم وشفاعتهم وحشرنا في زمرتهم.
ولا يخفى عليك: أن ترك الأولى ليس معناه ترك المستحب أو فعل المكروه فحسب بل ربما يكون بترك المستحب أو فعل المكروه،
(١١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 ... » »»
الفهرست