رؤية الله في ضوء الكتاب والسنة والعقل - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٩٦
الأخذ بالظاهر هو تحقق اللقاء بالمشاهدة والمعاينة.
لكن هذا الاستدلال يلاحظ عليه: أن اللقاء كما أضيف في هذه الآيات إليه سبحانه، كذلك أضيف إلى غيره سبحانه في سائر الآيات، فتارة أضيف إلى لفظ الآخرة، قال سبحانه: (والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة حبطت أعمالهم) (الأعراف / 147) وقال: (وقال الملأ من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء الآخرة) (المؤمنون / 33)، وأخرى إلى لفظ اليوم قال سبحانه: (يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا) (الزمر / 71) وقال سبحانه: (وقيل اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا) (الجاثية / 34) وعلى ذلك يكون المراد من الجميع هو لقاء الناس يوم الجزاء، بمعنى حضور الناس في يوم القيامة للمحاسبة والمجازاة، إن خيرا فخير وإن شرا فشر، وإنما سمي هذا بلقاء الرب أو لقاء الله لما تعلقت مشيئته على مجازاة المحسنين والمسيئين في ذلك اليوم، فبما أنه سبحانه يجزي المحسن والمسئ في ذلك اليوم فكأنهم يلقونه سبحانه فيه لا قبله.
وفي نفس الآيات التي استدل بها ذلك قرينة واضحة على أن المراد من الآيات هو الحضور يوم القيامة، وهي أنه سبحانه يأمر لمن يرجو لقاء الرب بالعمل الصالح ويقول: (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا)، أي فليستعد لذلك اليوم بالعمل الصالح، كما أنه في آية أخرى يأمر بتقديم شئ لهذا اليوم ويقول: (وقدموا لأنفسكم واتقوه واعلموا أنكم ملاقوه)، وذلك لأن مقتضى العلم بالحشر في ذلك اليوم والمحاسبة والمجازاة هو تقديم الأعمال الصالحة.
(٩٦)
مفاتيح البحث: يوم القيامة (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 ... » »»