وأما كيفية الاستدلال فبيانها أن الرؤية سواء أوقعت على جميع الذات أم على جزئها، فهي نوع إحاطة علمية من البشر به سبحانه، وقد قال: (ولا يحيطون به علما).
ولكن الرازي لأجل التهرب من دلالة الآية على امتناع رؤيته سبحانه قال: بأن الضمير المجرور يعود إلى قوله: (ما بين أيديهم وما خلفهم) أي لا يحيطون بما بين أيديهم وما خلفهم، والله سبحانه محيط بما بين أيديهم وما خلفهم.
أقول: إن الآية تحكي عن إحاطته العلمية سبحانه يوم القيامة بشهادة ما قبلها (يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا)، وعندئذ يكون المراد من الموصول في قوله سبحانه: (يعلم ما بين أيديهم) هو الحياة الأخروية الحاضرة، وقوله سبحانه: (وما خلفهم) هو الحياة الدنيوية الواقعة خلف الحياة الأخروية، وحينئذ لو رجع الضمير في قوله (ولا يحيطون به علما) إلى الموصولين يكون مفاد الآية عدم إحاطة البشر بما يجري في النشأتين، وهو أمر واضح لا حاجة إلى التركيز عليه، وهذا بخلاف ما إذا رجع إلى الله، فستكون الآية بصدد التنزيه ويكون المقصود أن الله يحيط بهم علما وهؤلاء لا يحيطون كذلك، على غرار سائر الآيات.