الغيب وابن قيم في كتاب حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح (1)، وقد أسهبوا الكلام في تطوير الشبهة، ولا يسع المقام لنقل عباراتهم كلها، وإنما نشير إلى المهم من كلماتهم.
وبما أن الأساس لكلام هؤلاء هو ابن حزم الظاهري نذكر نص كلامه أولا.
قال: إن الادراك في اللغة يفيد معنى زائدا عن النظر، وهو بمعنى الإحاطة، وليس هذا المعنى في النظر والرؤية، فالإدراك (الإحاطة) فيض عن الله تعالى على كل حال في الدنيا والآخرة، والدليل على ذلك قوله سبحانه: (فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون قال كلا إن معي ربي سيهدين)، ففرق الله عز وجل بين الادراك والرؤية فرقا جليا، لأنه تعالى أثبت الرؤية بقوله: (فلما تراءى الجمعان)، وأخبر تعالى بأنه رأى بعضهم بعضا فصحت منهم الرؤية لبني إسرائيل، ولكن نفى الله الادراك بقول موسى (عليه السلام) لهم: (كلا إن معي ربي سيهدين)، فأخبر تعالى أنه رأى أصحاب فرعون بني إسرائيل ولم يدركوهم، ولا شك في أن ما نفاه الله تعالى غير الذي أثبته، فالإدراك غير الرؤية والحجة لقولنا قول الله تعالى (2).
يلاحظ عليه: أن الشبهة تعرب عن أن صاحبها لم يقف على كيفية الاستدلال بالآية على نفي الرؤية، فزعم أن أساسه هو كون الادراك