رؤية الله في ضوء الكتاب والسنة والعقل - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٦٥
بالمناقشات الكلامية الدائرة بين النافين والمثبتين، وطلبنا منه أن يبين الإطار العام للآية ومفادها ومنحاها، وهل هي بصدد بيان امتناع الرؤية أو جوازها؟ فسيجيب بصفاء ذهنه بأن الإطار العام لها هو تعاليه سبحانه عن الرؤية، وأن سؤاله أمر عظيم فظيع لا يمحى أثره إلا بالتوبة، فسيكون فهم ذلك العربي حجة علينا لا يجوز لنا العدول عنها، والقرآن نزل بلسان عربي مبين ولم ينزل بلسان المتكلمين أو المجادلين.
كما أن إذا أردنا أن نفسر مفاد الآية تفسيرا صناعيا فلا شك أنه يدل أيضا على تعاليه عنها، وذلك لوجوه:
1 - الإجابة بالنفي المؤبد:
لما سأل موسى رؤية الله تبارك وتعالى أجيب ب‍ (لن تراني)، والمتبادر من هذه الجملة أي قوله: (لن تراني) هو النفي الأبدي الدال على عدم تحققها أبدا.
والدليل على ذلك هو تتبع موارد استعمال كلمة لن في الذكر الحكيم، فلا تراها متخلفة عن ذلك حتى في مورد واحد.
1 - قال سبحانه: (إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له) (الحج / 73).
2 - (إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم) (التوبة / 80).
3 - (إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ثم ماتوا وهم كفار فلن يغفر الله لهم) (محمد / 34).
4 - (سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله
(٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 ... » »»