لا يرى بالأبصار بمكان من الوضوح غير أن للرازي ومن لف لفه تشكيكات نأتي بها مع تحليلها:
الشبهة الأولى:
أن الآية في مقام المدح، فإذا كان الشئ في نفسه تمتنع رؤيته فلا يلزم من عدم رؤيته مدح وتعظيم للشئ، أما إذا كان في نفسه جائز الرؤية ثم إنه قدر على حجب الأبصار عن رؤيته وعن إدراكه، كانت هذه القدرة الكاملة دالة على المدح والعظمة، فثبت أن هذه الآية دالة على أنه جائز الرؤية حسب ذاته (1).
إن هذا التشكيك يحط من مقام الرازي، فهو أكثر عقلية من هذا التشكيك، وذلك لأنه زعم أن المدح بالجملة الأولى، أعني قوله سبحانه: (لا تدركه الأبصار) وغفل عن أن المدح بمجموع الجزئين المذكورين في الآية، بمعنى أنه سبحانه لعلو منزلته لا يدرك وفي الوقت نفسه يدرك غيره، وهذا ظاهر لمن تأمل في الآية ونظيرتها قوله سبحانه: يطعم ولا يطعم، فهل يرضى الرازي بأنه سبحانه يمكن له الأكل والطعم.
الشبهة الثانية:
إن لفظ الأبصار صيغة جمع دخل عليها الألف واللام فهو يفيد الاستغراق، فقوله: (لا تدركه الأبصار) بمعنى لا تراه جميع الأبصار، _