أنه سبحانه لما قال: (وهو على كل شئ وكيل) ربما يتبادر إلى بعض الأذهان أنه إذا صار وكيلا على كل شئ، يكون جسما قائما بتدبير الأمور الجسمانية، لكن يدفعه بأنه سبحانه مع كونه وكيلا لكل شئ (لا تدركه الأبصار).
وعندما يتبادر من ذلك الوصف إلى بعض الأذهان أنه إذا تعالى عن تعلق الأبصار فقد خرج عن حيطة الأشياء الخارجية وبطل الربط الوجودي الذي هو مناط الادراك والعلم بينه وبين مخلوقاته، يدفعه قوله: (وهو يدرك الأبصار) ثم تعليله بقوله: (وهو اللطيف الخبير) واللطيف هو الرقيق النافذ في الشئ و الخبير من له الخبرة الكاملة، فإذا كان تعالى محيطا بكل شئ لرقته ونفوذه في الأشياء، كان شاهدا على كل شئ، لا يفقده ظاهر كل شئ وباطنه، ومع ذلك فهو عالم بظواهر الأشياء وبواطنها من غير أن يشغله شئ عن شئ أو يحتجب عنه شئ بشئ.
وبعبارة أخرى أن الأشياء في مقام التصور على أصناف:
1 - ما يرى ويرى كالإنسان.
2 - ما لا يرى ولا يرى كالأعراض النسبية كالأبوة والنبوة.
3 - ما يرى ولا يرى كالجمادات.
4 - ما يرى ولا يرى وهذا القسم تفرد به خالق جميع الموجودات بأنه يرى ولا يرى، والآية بصدد مدحه وثنائه بأنه جمع بين الأمرين يرى ولا يرى لا بالشق الأول وحده نظير قوله سبحانه: (فاطر السماوات والأرض وهو يطعم ولا يطعم) (الأنعام / 14) ودلالة الآية على أنه سبحانه