رؤية الله في ضوء الكتاب والسنة والعقل - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٥١
أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا) (الفرقان / 21)، لا فيما تلوناه من الآيات، فإن الظاهر منها أن الاستعظام والاستفظاع راجعان إلى نفس السؤال بشهادة قوله: (فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم) (النساء / 153)، والذي يوضح ذلك أن التوبيخ والتنديد راجعان إلى نفس السؤال - مع غض النظر عن سبب السؤال، وهل هو لغاية زيادة العلم أو للعتو؟ - أمور:
1 - إنه سبحانه سمى سؤالهم ظلما وتعديا عن الحد.
2 - إن موسى سمى سؤالهم سؤالا سفهيا.
3 - عندما طلب موسى الرؤية أجيب بالخيبة والحرمان، ولم يكن سؤاله عن عناد واستكبار، ولو كانت الخيبة مختصة بالدنيا، كان عليه سبحانه الرجوع إليه بالعطف والحنان بأنها غير ممكنة في هذه الدار وسوف تراني في الآخرة.
وثانيا: إنه سبحانه وإن جمع في آية سورة النساء (1)، بين نزول الكتاب من السماء عليهم، ورؤية الله جهرة، لكن كون الأول أمرا ممكنا لا يكون دليلا على كون الثاني مثله، وذلك لأن وجه الشبه بين الأمرين ليس الإمكان أو الاستحالة حتى يكونا مشاركين فيهما، بل هو طلب أمر عظيم، وشئ ليسوا مستأهلين له، فلا يكون إمكان الأول دليلا على إمكان الثاني.
_

(٥١)
مفاتيح البحث: سورة النساء (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 ... » »»