رؤية الله في ضوء الكتاب والسنة والعقل - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٥٠
بما هي هي، بغض النظر عن الدنيا والآخرة، ولا صلة لها بظرف السؤال، فحمل تلك الآيات على ظرف خاص تلاعب بالكتاب العزيز وتقديم للسنة على القرآن، واعتماد على الظن مكان وجود القطع واليقين.
وأيمن الله لو لم يكن في الصحاح حديث قيس بن أبي حازم وغيره لما كان لديهم أي وازع على تأويل الآيات.
المحاولة الثانية:
لقد تصدى أبو الحسن الأشعري للإجابة عن الآيات الأخيرة وزعم أن الاستعظام إنما كان لطلبهم الرؤية تعنتا وعنادا، قال: إن بني إسرائيل سألوا رؤية الله عز وجل على طريق الإنكار لنبوة موسى وترك الإيمان به حتى يروا الله لأنهم قالوا: (لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة) فلما سألوه الرؤية على طريق ترك الإيمان بموسى (عليه السلام) حتى يريهم الله من غير أن تكون الرؤية مستحيلة عليه، كما استعظم الله سؤال أهل الكتاب أن ينزل عليهم كتابا من السماء من غير أن يكون ذلك مستحيلا، ولكن لأنهم أبوا أن يؤمنوا بنبي الله حتى ينزل عليهم من السماء كتابا (1).
يلاحظ عليه أولا: أن ما ذكره من أن الاستعظام لأجل كون طلبهم كان عن عناد وتعنت لا لطلب معجزة زائدة، لو صح فإنما يصح في غير هذه الآيات، أعني في قوله سبحانه: (وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا

(1) الإبانة عن أصول الديانة: 15 ط. دار الطباعة المنيرية، القاهرة.
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»