دعوة ذات منهج مرسوم من أجل الاستفادة من تجارب الحضارات السابقة ودراسة أسباب سقوطها، لا سيما وأن التاريخ يعيد نفسه قال تعالى: * (سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا) * (1).
ولا بد من التنويه على " أن دور الدين ومسؤوليته في حياة الإنسان هو إيجاد جو من الملائمة والانسجام بين سلوك وتفكير الإنسان وبين سنن الله تعالى في الحياة، وتحويل مجرى حياة الإنسان إلى تيار هذه السنن الإلهية التي جعلها الله نظاما لخلقه وتكوينه في هذا الكون " (2).
فالدين يوجه فكر الإنسان إلى النظرة العميقة والهادفة، وبطبيعة الحال هناك فرق كبير بين النظرة السطحية الساذجة للحياة والتاريخ، وبين النظرة العميقة والمتفحصة التي لا تقتصر على ملاحظة الشئ أو الحدث، وإنما تنفذ إلى أعماقه، وترصد لوازمه ودلالاته بغية استنباط السنة التاريخية التي تنطبق عليه، فعلى سبيل المثال يمر السائح على أهرامات مصر، فينبهر لروعة بنائها، وشدة ارتفاعها، ويتمتع بمنظرها وينتهي كل شئ.
أما المفكر الواعي المتسلح بالعقيدة، فعندما يمر عليها، ترتسم في ذهنه عدة تساؤلات: عن قدرات الإنسان، وعن الظلم الذي كان سائدا آنذاك من خلال تسخير الفراعنة لأعداد كبيرة من الناس للعمل في بناء هذه الأهرامات، وما لا قوه من العناء والتعب وصنوف التعذيب، كما يستنتج ما تنطوي عليه فكرة الفراعنة الخاطئة عن الموت والبعث، بل يتزود المؤمن الوعي بعد تلك المعارف بالعبرة النافعة وهو يشاهد خرائبها فيتسائل في نفسه، أين ساكنيها وما مصيرهم؟!