دراسات في العقيدة الإسلامية - محمد جعفر شمس الدين - الصفحة ٧٥
كما اننا لا يمكن أن نرتضي ما ذهب إليه المتصوفة، من حصر معرفة الله، بطريق الكشف والحدس وذلك:
أولا: لأن فيه إهدارا لقيمة العقل، وشلا لفاعليته وقدرته على الخلق والإبداع، وهذا ينافي الحث الذي ورد به القرآن الكريم، على تدبر الكون بجميع مناحيه، بالعقل والتفكر فيه.
ثانيا: إن هذه الطريقة - طريقة الصوفية في المعرفة - إن سلمنا وجودها ليست عامة للناس بما هم ناس (1).
ثالثا: إن هؤلاء الصوفية بمنهجهم الذوقي هذا، يحطمون أسس المعرفة العقلية، إذ لا بد من مبادئ معينة، وأسس محددة للمعرفة، أما ان تجيء هذه المعرفة بطريق لا يدري الفرد كيف حصلت له، فهذا لا يعد طريقا عقليا محددا (2).
رابعا: إن ما يتراءى من كلمات المتصوفة الغائمة التي يرددونها، ان حالة الكشف أو المعرفة عندهم، ليست كمالا طبيعيا، بل هي كمال غير طبيعي. أي كمال إلهي، لا يمنحه الله لجمهور الناس، بل لخصوص سعدائهم. وإذا كانت تلك المعرفة كمالا غير طبيعي فعلى أية جهة يمكن أن يوجد للموجود الطبيعي كمال غير طبيعي. ومعنى انه غير طبيعي، انه شذوذ عن دائرة الإنسانية العاقلة المدركة.

(1) الكشف عن مناهج الأدلة لابن رشد 44.
(2) النزعة العقلية في فلسفة ابن رشد لمحمد عاطف العراقي 212.
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 68 70 71 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»