دراسات في العقيدة الإسلامية - محمد جعفر شمس الدين - الصفحة ١٩٠
نقاش وتفنيد:
والواقع، أننا وان كنا نؤمن، لصحة الحمل في أية قضية حملية، بوجوب وجود تغاير بين موضوعها ومحمولها. إلا أنه يكفي في صحة العمل، أن يكون هذا التغاير اعتباريا بحسب المفهوم، بمعنى أن مفهوم الموضوع، مغاير مع مفهوم المحمول، مع كون كل من الموضوع والمحمول متحدا مع الآخر وجودا.
وفي مقامنا، التغاير المفهومي بين ذات الله وصفاته موجود. بمعنى أن مفهوم الذات المقدسة، مغاير تماما مع مفهوم أية صفة من الصفات، ويكفي هذا في صحة حمل صفات الذات عليها، من دون حاجة إلى الإلتزام بما التزم به القائلون بالتغاير بحسب الوجود، بين الذات والصفات، ليصححوا حمل هذه على تلك.
ولعل ابن رشد الفيلسوف، يشير إلى ما ذكرناه حيث يقول أما الأشياء التي هي صورة في غير هيولى، فان الوصف والموصوف يرجعان فيها إلى معنى واحد بالوجود، وهما بالاعتبار اثنان، أعني وصفا وموصوفا. وذلك أن هذه الذات، إذا أخذت من حيث هي موضوعة، ووصفت بوصف من الأوصاف كان الوصف فيها والموصوف واحدا في الحمل، اثنان بالمعنى الذي به يباين المحمول الموضوع (1).
الثاني: قياس الله سبحانه على الإنسان، ونحن إذا لاحظنا الإنسان نجد أن صدق صفة القادر على الإنسان إنما كان بتوسط قوته، وصدق صفة العالم عليه إنما كان بتوسط علمه، هكذا فليكن الأمر

(1) تفسير ما بعد الطبيعة لابن رشد 3 / 1621.
(١٩٠)
مفاتيح البحث: التصديق (1)، الصدق (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 194 195 196 197 ... » »»