اما قوله تعالى: (وجاء ربك والملك صفا صفا) وأمثالها من الآيات التي ورد فيها لفظ جاء، وأتى واشتقاقاتهما، فإنه مبني على تقدير مضاف محذوف هو أمر، أو بأس، أو عذاب وعلى هذا يكون المعنى: وجاء أمر ربك، أو بأس ربك، أو عذاب ربك.
وقد ورد ذلك صريحا في القرآن، في قوله تعالى: ﴿هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي أمر ربك﴾ (1).
وأما الرواية التي استدلوا بها على مدعاهم، والتي تقول بأن الله ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا فيكفي في ردها، واسقاطها عن الاعتبار، مخالفتها لحكم العقل باستحالة الحركة ويكون على الله سبحانه، باعتبار وجوب وجوده المقتضي لاتصافه بالقدم، وهذان الأمران حادثان، ويستحيل أن يكون القديم محلا للحوادث.
هذا إضافة لمعارضتها بما هو حجة من الروايات الواردة عن أئمة أهل البيت عليهم السلام والتي تشنع على القائلين بهذه المقالة، وتكذب القائلين بها. بل لعله يستشم من بعض هذه الروايات، أنها ناظرة إلى هذه الرواية وأمثالها ونافية نفيا قاطعا لما ورد فيها. ومن هذه الروايات، ما رواه الكليني ثقة الإسلام (2) بسند ينتهي إلى الإمام موسى بن جعفر الصادق عليه السلام حيث قال عندما ذكر عنده قوم يزعمون أن الله تبارك وتعالى ينزل إلى السماء الدنيا: ان الله لا ينزل ولا يحتاج أن ينزل، إنما نظره (أي علمه) في القرب والبعد سواء لم يبعد منه قريب ولم يقرب منه بعيد لا إله إلا هو العزيز الحكيم. أما قول الواصفين: انه ينزل تبارك وتعالى، فإنما يقول ذلك من ينسبه إلى نقص