ذلك أن الشيخين قد روياه عن النبي (ص) بسند ورد فيه كل من سويد بن سعيد وزيد بن أسلم.
ونحن لو راجعنا كتب الجرح والتعديل، لوجدنا فيها أن الأول منهما كان كثير التدليس، منكر الحديث، ضعيفا جدا، كذبه ابن معين وسبه (1).
ولوجدنا فيها، أن الثاني منهما هو أحد الضعفاء، وكان أهل المدينة يتكلمون فيه وهم به أعرف وكان لا يبالي بالمأثور من تفسير القرآن وإنما يفسره برأيه (2).
وأما حديث التجلي. فحتى لو أغمضنا لما فيه من مغزى سياسي، يرمي إلى وضع كرامة من الكرامات لأبي بكر التي رأينا مثلها كثيرا في كتب الحديث لكل من عمر وعثمان بل وحتى لمعاوية كانت قد اقتضتها ظروف تاريخية معينة مرت بها الأمة الإسلامية: حتى لو أغمضنا عما فيه من هذه الناحية فإن في ضعف سنده بكلا طريقيه اللذين ذكرناهما هنا - وكذا بقية طرقه التي لم نذكرها - ما يكفي لطرحه والإعراض عنه.
فقد ورد في الطريق الأول، محمد بن بيان. وقد كان هذا الرجل من الكذابين الوضاعين (3) وورد في الطريق الأول أيضا الحسن بن كثير، وهذا الرجل من المجاهيل (4).
وأما الطريق الثاني، الذي روي به هذا الحديث، فقد ورد فيه أبو داود