النتيجة:
والنتيجة التي توصلنا إليها، بعد تفنيد كل استدلالات المجسمة وإخوانهم هي استحالة رؤيته سبحانه، التي يحكم بها العقل مستقلا. لأن الرؤية ملازمة للجسمية، المستحيلة بالنسبة إلى واجب الوجود بذاته.
والواقع، أننا حتى لو أغمضنا النظر عن حكم العقل هذا باستحالة رؤيته سبحانه، لإحالته الجسمية عليه فإن في النقل كفاية، في الدلالة على ذلك، آيات وروايات.
أما الآيات، فيكفينا منها قوله تعالى، وهو من المحكم لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار (1).
فمن الواضح، أن هذه الآية صريحة في أن الله سبحانه قد تعالى على جميع الموجودات بمجموع هذين الأمرين اللذين اشتملت عليهما الآية الكريمة لأن من الأشياء ما يرى ويرى كالأحياء من الناس. ومنها ما يرى ولا يرى كالجمادات والأعراض المرئية.
ومنها ما لا يرى ولا يرى كالأعراض التي لا ترى. فالله تعالى خالقها جميعها وتعالى عليها وتفرد بأن يرى ولا يرى (2). وتمدح بنفي الإدراك الذي هو رؤية البصر عن نفسه على وجه يرجع إلى ذاته فيجب أن يكون ثبوت الرؤية له - كما يدعي المجسمة وإخوانهم - في وقت من الأوقات نقص وذم (3) والله سبحانه منزه عن أي ذم ونقص، لأنه الكامل المطلق.