وإذا لم يصح أن يكون المراد بالنظر في الآية الكريمة، الرؤية بحاسة العين، فلا بد من إرادة معنى آخر به. والمراد به هنا: الانتظار (١).
واستعمال النظر، وإرادة الانتظار، شائع في لسان العرب.
قال الشاعر:
وجوه يوم بدر ناظرات * * * إلى الرحمن تنتظر الفلاحا كما ورد في القرآن الكريم بهذا المعنى، على لسان بلقيس ملكة سبأ: ﴿واني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون﴾ (2).
أي منتظرة بم يرجع المرسلون. فيكون معنى الآية على هذا، أن تلك الوجوه يوم القيامة منتظرة لثواب ربها. وروي ذلك عن مجاهد والحسن وسعيد بن جبير والضحاك وهو المروي عن علي عليه السلام (3).
وإن أبى المجسمة وإخوانهم، إلا أن يحملوا النظر في الآية على الرؤية بالعين الباصرة فيمكن أن يتم ذلك، بشرط تقدير مضاف محذوف، فتصبح الآية مع التقدير هكذا وجوه إلى ثواب ربها ناظرة. أي هي ناظرة إلى نعيم الجنة حالا بعد حال. روي ذلك عن جماعة من علماء المفسرين من الصحابة والتابعين لهم وغيرهم (4).