أما الآيات التي استدل بها هؤلاء جميعا مجسمة وأشاعرة متأخرين عنها قوله تعالى ﴿وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة﴾ (1).
حيث قالوا بأن هذه الآية ظاهرة في أن أصحاب الوجوه الناضرة يوم القيامة ينظرون إلى ربهم فيرونه عيانا (2).
تفنيد وتوضيح:
ومن الواضح، أن الاستدلال بهذه الآية على ما ذهبوا إليه، يتوقف على أن يكون المراد بالنظر فيها بمعنى الرؤية. وذلك باطل لأن النظر لا يفيد الرؤية لغة، وذلك لعدة أمور:
الأول: أن النظر إذا علق بالعين، أفاد طلب الرؤية. كما إذا علق بالقلب أفاد طلب المعرفة، بدلالة قولهم: نظرت إلى الهلال فلم أره. فلو أفاد النظر الرؤية لكان هذا القول ساقطا متناقضا (3).
الثاني: أنه لو كان النظر بمعنى الرؤية، لبطل ما يقوله العرب، ما زلت أنظر إليه حتى رأيته، لأنه يستلزم جعل الشيء غاية لنفسه. فيكون معنى هذا القول ما زلت أراه حتى رأيته. ولعل الشيء، غاية لنفسه ممتنع.
الثالث: أننا نعلم الناظر ناظرا بالضرورة، ولا نعلمه رائيا بالضرورة، بدلالة أنا نسأله هل رأيت أم لا؟ (4).