دراسات في العقيدة الإسلامية - محمد جعفر شمس الدين - الصفحة ٢٤
وثانيا: لو سلمنا ما ادعي، من الاضطراب الصناعي، والاقتصادي، والفني، بل والجمود الفكري، الذي منيت به الأمة الإسلامية آنذاك، فلماذا نحمل علم الكلام بالخصوص كل هذه الأمور، ونحصر سببها فيه؟
والواقع، ان كل ذلك، يمكن أن نرده - من وجهة نظرنا - إلى سبب جوهري لا ربط له بعلم الكلام من قريب أو من بعيد.
ذلك أن المسلمين بعد أن استقر الإسلام في البلاد التي فتحت، وتركزت دعائمه، انتقلوا من حياة القتال والحروب، بما فيها من انشغال عن الأخذ بالمتع والمسرات إلى حياة وادعة مطمئنة، يخيم عليها الهدوء والسلام. وانصرف المسلمون إلى التمتع بما أغدق الله عليهم من أموال وثروات الأمم المغلوبة. حتى غدت بغداد عاصمة الإمبراطورية الإسلامية، والتي كانت آنذاك، مجمعا لكل العناصر التي تكون الأمة مضرب المثل في اللهو والمجون، والتفنن في الأخذ بمباهج الحياة وملذاتها.
ومن هنا، من اتجاه المسلمين - ممثلين في عاصمتهم بغداد - إلى إشباع غرائزهم من حياة الترف واللهو والمجون، حتى غرقوا فيها إلى آذانهم، ابتدأوا نعقد شيئا فشيئا، الروح الطموحة والمتسامية، التي خلقها فيهم الإسلام.
وطبيعي جدا، أن إنسانا يستطيع، بما أوتي من مال جم، أن يوفر له كل ما يمكن أن يحتاجه في حياته المادية تلك، من جميع وجوهها، ألا يتعب نفسه في اختراع أو صناعة، أو فن، أو فكر، ما دام قادرا على استيراد كل احتياجاته منها، ولو من أقصى الأرض.
(٢٤)
مفاتيح البحث: مدينة بغداد (2)، القتل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»