دراسات في العقيدة الإسلامية - محمد جعفر شمس الدين - الصفحة ٢٠
من مجلس جلسناه يوما. جئنا فإذا أناس عند حجر رسول الله (ص) يتراجعون في القرآن، فلما رأيناهم اعتزلناهم، ورسول الله خلف الحجر يسمع كلامهم. فخرج علينا رسول الله (ص) مغضبا يعرف الغضب في وجهه حتى وقف عليهم فقال: أي قوم، بهذا ضلت الأمم قبلكم باختلافكم على أنبيائهم، وضربهم الكتاب بعضه ببعض، إن القرآن لم ينزل لتضربوا بعضه ببعض ولكن ليصدق بعضه بعضا، فما عرفتم منه فاعملوا به، وما تشابه عليكم فآمنوا به... الخ (1).
وروى ابن حجر العسقلاني، في الإصابة، قال قدم صبيغ المدينة فجعل يسأل عن متشابه القرآن، فأرسل إليه عمر، فضربه حتى أدمى رأسه. ثم نفاه إلى البصرة، وأمر بعدم مخالطته (2).
هذان النصان، وغيرهما، يؤيدان ما قلناه، في تحديد الفترة التي نشأ فيها هذا العلم.
ولا يكون الالتزام بذلك، مناقضا للرأي السابق القائل، بأن هذا العلم، قد نشأ في القرن الثالث الهجري، بعد ابتداء عصر الترجمات. إذ يكون معنى نشوئه في القرن الثالث، هو أن بروزه كعلم، له قواعده، وأصوله، إنما كان في ذلك التاريخ.
والذي يؤيد هذا، ما ذكره الشهرستاني من أن لفظ الكلام، أصبح اصطلاحا فنيا في عهد المأمون، وكثيرا ما نصادف لفظ كلم، بمعنى ناظر وجادل. (3).

(1) كتاب الطبقات الكبير لابن سعد 4 / 141.
(2) الإصابة في تمييز الصحابة 2 / 198.
(2) الملل والنحل 18 وما بعدها.
3 - علم الكلام والفرق بينه وبين الفلسفة
(٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 ... » »»