المناظرة والمجادلة. ومن لم يبلغ تلك الدرجة، كان كافرا (1).
وليس معنى اتخاذ الكلاميين العقيدة محورا وإطارا، التحجير على عقولهم، وقسرها على اتباع أسلوب واحد في الاستدلال، بل تركت له حرية سلوك أي طريق، وانتهاج أي أسلوب، ما دام منشدا إلى هذا المحور، وضمن ذاك الإطار.
ولذلك نرى، أنماط الاستدلال عندهم تختلف، وتتعدد، حتى بين التلميذ كبشر بن المعتمر وأستاذه كمعمر بن عباد.
ولم يبد لي، وجه الارتباط بين علم الكلام وبين الاضطراب الصناعي والفني، والاجتماعي بشكل عام، ولا كيف أن هذا العلم النظري، كان لعنة سببت للأمة كل هذه المصائب والآلام؟ ولا وجه سببيته لسد باب الاجتهاد.
ونحن في مقام الرد على هذا النقد نقول:
أولا: لا نسلم أن يكون علم الكلام سببا للخمود الفكري، بل لا يعقل ذلك، لأنه يتنافى مع طبيعة هذا العلم، حيث أنه يدور كله حول المخاصمات الدينية والمجادلات المذهبية، ولا ريب أن الجدل الديني والمذهبي، من أبرز المؤثرات، التي تعمل على شحذ القرائح، وقدح زناد الفكر، ودفع الإنسان إلى بذل جهد عقلي مضاعف لكي يستنبط أساليب من الاستدلال والنظر جديدة، ليبني معتقده، وليفحم خصمه ويدحض حجته. وهذا يجعل من علم الكلام سببا من أسباب ازدهار الفكر لا خموده.