وإذا صح ما ذكرناه، يكون أول ظهور المجبرة كفرقة في أواسط حكم الأمويين.
ب - صلة الأمويين بالقول بالجبر:
والذي يبدو لي، أن الأمويين هم الذين ثبتوا هذه الفكرة في أذهان بعض أتباعهم ومريديهم، ثم احتضنوها وعملوا على نشرها وترويجها وحمايتها وذلك لأمور:
الأول: أنها ترفع عنهم أمام الناس وزر ما يرتكبونه من موبقات، ويأتونه من منكرات وجرائم، باعتبار أنهم مجبورون على إتيانها ولا اختيار لهم فيها.
الثاني: إن فكرة الجبر هذه، من أبرز دعاتها - ان لم يكن واضع حجر الأساس لها - الجعد بن درهم، المقرب جدا من البلاط الأموي والمناطة به تربية أولاد الأمويين ممن صاروا خلفاء فيما بعد.
الثالث: إن هذه الفكرة راجت في الشام - مهد الأموية - أكثر من رواجها في أي قطر آخر من أقطار المسلمين. وقد روي أن ابن عباس خطب في أهل الشام يوما، فقال في جملة ما قال: (أتأمرون الناس بالتقوى وبكم ضل المتقون. وتنهون عن المعاصي وبكم ظهر العاصون.
هل منكم إلا مفتر على الله ليجعل اجرامه عليه سبحانه وينسبه إليه) (1).