دراسات في العقيدة الإسلامية - محمد جعفر شمس الدين - الصفحة ١٤٦
الهجري. وقد عرضنا وجهه نظرنا حول تلك الظاهرة المستهجنة هناك. ولكن علينا هنا، أن نطلع على نموذج من استدلال أصحاب هذه المقالة لما ذهبوا إليه من جعلهم الله جسما كالإنسان. أو إثبات صفات له كصفات المخلوق، لنناقشها ونرى وجه بطلانها.
ب - الحق هو التجريد لا التجسيد:
ولكن، قبل أن نخوض في استدلال المجسمة هؤلاء، لا بد من إقامة الدليل العقلي على استحالة أن يكون الله جسما، كما هو الحق، الذي ذهب إليه الإمامية تبعا لأئمتهم (ع) واختاره جمهور المعتزلة.
ويمكن الاستدلال على استحالة أن يكون الله جسما بعدة أمور:
الأول: هو انه لو كان الله سبحانه جسما، للزم من ذلك عدة أمور باطلة، أهمها اثنان.
أحدهما: أنه يكون عند ذلك متحيزا، والمتحيز يحتاج إلى حيز ومكان. والحاجة فقر ينزه عنه الغني المطلق.
ثانيهما: انه لو كان سبحانه جسما، لما انفك عن الأكوان الحادثة، وكل ما لا ينفك عن الحوادث فهو حادث (1).
والله سبحانه، يستحيل أن يكون حادثا. لأن معنى الحادث، هو الموجود المسبوق بالعدم. وكل مسبوق بالعدم، يحتاج إلى علة توجده، والواجب هو الغني بذاته. وفرض كونه حادثا، خلف فرضه واجبا. لأن الحدوث مناف لأخص خصائص الوجوب وهو القدم.

(1) شرح تجريد الإعتقاد للعلامة الحلي 227.
(١٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 ... » »»