الثاني: ما ذكره ابن رشد الفيلسوف وهو اننا إذا سلمنا بأن المادة قوة، ونحن نطلب جواهر دائمة ليس فيها قوة، بل هي فعل دائم فهي - أي اللذات الإلهية - إذن مفارقة للمادة (١).
ومعنى قول ابن رشد هذا، ان الله سبحانه لو كان جسما، لكان مادة. والمادة قوة. وكل ما بالقوة يحتاج إلى علة تخرجه من القوة إلى الفعل. وهذا خلف فرض الله واجبا، غير محتاج في وجوده إلى أية علة، بل هو موجود بذاته ولذاته.
الثالث: ان الله سبحانه، لو كان جسما - كما يدعي المشبهة - فلا بد وأن يكون متناهيا، لاستحالة أن يكون جسم ما غير متناه وحيث أن الله سبحانه، هو المحرك للعالم حركته اللامتناهية أزلا وأبدا، استحال أن يكون ذلك الجسم المتناهي، لاستحالة صدور حركة لا متناهية عن محرك متناه.
النقل يعضد التجريد ويدحض التجسيد:
والواقع، اننا حتى لو قطعنا النظر عن حكم العقل هذا باستحالة أن يكون الله جسما، فإن في النقل كفاية لدحض هذا المنطق الفاسد. وأعني بالنقل الكتاب العزيز، والسنة الشريفة.
أما كتاب الله، فيكفينا منه آية واحدة فقط، وهي قوله تعالى: ﴿ليس كمثله شئ وهو السميع البصير﴾ (2).