دراسات في العقيدة الإسلامية - محمد جعفر شمس الدين - الصفحة ١٤٥
ومن الواضح، أن هذه الصفة السلبية تعود إلى صفة ثبوتية هي: ان الله بسيط مجرد.
وتتفرع على هذه الصفة السلبية في اعتقادي، جل الصفات السلبية الأخرى التي يذكرها المتكلمون هنا. كقولهم: انه ليس بمرئي، وليس بمتحيز، وليس بمتحد ولا حال في غيره، وانه ليس بمركب وغير ذلك.
فإننا لو تأملنا هذه الصفات جميعها، لوجدنا أن وجه وجوب سلبها عنه سبحانه، إنما هو بلحاظ توقف اتصافه بها على أن يكون جسما، ليكون متحيزا، أو متحدا أو حالا في غيره، أو مركبا، فإن جميع هذه الأمور من لوازم إثبات الجسمية له سبحانه.
أ - الله بين التجريد والتجسيد:
وهنا، لا بد من التعرض ولو بشكل مضغوط، إلى ما ذهب إليه بعض المتكلمين، من القول بالتجسيم والتشبيه، مع التزامهم بلوازم مقالتهم تلك، من جواز رؤيته سبحانه وتجويزهم عليه الانتقال من مكان إلى مكان وغير ذلك.
ومن هؤلاء المجسمة، أهل السنة بشكل عام، كالحنابلة والكرامية ومتقدمي الأشاعرة بما فيهم أبو الحسن الأشعري مؤسس مذهب، حيث نراه يقول في مقام شرحه لعقيدة أهل السنة، وبعد قوله وله - أي الله - يدان وعينان ووجه وغير ذلك من الأعضاء نراه يقول وبكل ما ذكرنا من قولهم نقول، وإليه نذهب.
ولقد سبق ونبهنا في بحوثنا التمهيدية على أن ظاهرة التشبيه والتجسيم، برزت أول ما برزت، بعد ابتداء عصر الترجمات في أوائل القرن الثالث
(١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»