دراسات في العقيدة الإسلامية - محمد جعفر شمس الدين - الصفحة ١٣٩
فمثلا، لو تعلقت إرادة أحدهما بمقتضى علمه بخلق زيد، وتعلقت إرادة الآخر، بمقتضى علمه الخاص به بعدم خلقه. فهنا لا يخلو: إما أن يتحقق مرادهما معا ومعنى هذا، وجود زيد وعدم وجوده في نفس الوقت وهو مستحيل لأنه من اجتماع النقيضين.
وإما أن لا يتحقق شئ من مراديهما، وهذا مستحيل أيضا، لأن لازمه عدم إمكان وجود الكون برمته، مع أنه موجود بالوجدان.
واما أن يتحقق مراد أحدهما فقط، دون الآخر، فيكون الثاني عاجزا، فيستحيل أن يكون واجبا، لأن العجز نقص يتنافى مع كمال الواجب المطلق، فيتم المطلوب من أن الواجب واحد، وهو من تحقق مراده فقط. وهذا ما أطلق عليه دليل التمانع.
يقول ابن رشد لو كانا اثنين فأكثر، لجاز أن يختلفا. وفي حالة الاختلاف، لا يخلو ذلك من ثلاثة أقسام: فاما أن يتم مرادهما جميعا، وإما أن لا يتم مراد واحد منهما، واما أن يتم مراد أحدهما ولا يتم مراد الآخر.... ولما كان يستحيل ألا يتم مراد واحد منهما، لأنه في هذه الحالة يكون العالم لا موجودا ولا معدوما. ولما كان يستحيل أن يتم مرادهما معا، لأنه في هذه الحالة يكون العالم موجودا
(١٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 ... » »»