دراسات في العقيدة الإسلامية - محمد جعفر شمس الدين - الصفحة ١٣٤
ولماذا كان التوحيد القاعدة الثابتة للإسلام دين الله؟
يبدو لي، في مقام الإجابة على هذه التساؤلات، أن السماء تريد لهذا الإنسان كفرد، بعبوديته لله وحده، أن تجنبه شر التمزق والتأرجح بين أرباب متعددين. وان السماء تريد للمجتمع البشري، أن لا يعيش في صراع، من جراء تعدد النحل والأرباب والأديان.
إذ إن وجود عقائد مختلفة بسبب الاعتقاد بأرباب متعددين، سوف يؤدي بالمجتمع الإنساني إلى التناحر الدائم.
وبعقيدة التوحيد، حيث يتوجه الناس، كل الناس، نحو رب واحد، فمعنى ذلك أنهم سوف يتوجهون نحو هدف واحد، وبنظام دين واحد، تأمن البشرية شر هذا الصراع، وتوفر على نفسها كثيرا من الهموم والآلام. وبهذا تتوجه الإنسانية بكل طاقاتها المتوفرة، لتحقيق السعادة، وإنماء الحضارة، وإغناء الحياة.
ونحن، إذا راجعنا بعض نماذج من العقائد الوثنية وغيرها، التي تقوم على مبدأ تعدد الآلهة، لوجدنا هذا الصراع يتجلى بأوضح صوره فيها. وذلك شئ طبيعي، بعد أن كان لكل إله أتباعه وحزبه وأنصاره، وبعد أن كان الآلهة أنفسهم، فيما بينهم في صراع دائم.
فمثلا، لو أخذنا عقيدة الهنود، وجدنا أنهم عبدوا ثلاثة آلهة: براهما، وشيفا، وفشنو. فبراهما هو الخالق عندهم. وفشنو هو الحافظ لما خلق براهما. وأما شيفا فهو المفني لجميع تلك المخلوقات. ومن هنا وقع الصراع بين هذه الآلهة. ومن ثم انقسم الهنود فريقين، فريق، وقف في صف فشنو الإله الحافظ. وفريق آخر، وقف في صف شيفا، الإله المدمر.
(١٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 ... » »»