خلاصة علم الكلام - الدكتور عبد الهادي الفضيلي - الصفحة ٨٨
والنظرية كما ترى - مرتبطة ارتباطا أساسيا بنظرية الكواكب السيارة السبعة القديمة.
وهذا يعني أن الفلكيين القدامى لو كانوا قد توصلوا إلى وجود أكثر من هذه السبعة - كما هو الحال الآن حيث وصل العدد إلى أكثر من عشرة - لقالوا بعقول ومعقولات بعددها أيضا، فتصل العقول في النظرية إلى أكثر من أحد عشر.
وهذا يدل على شئ ليس بالصغير من الوهن الذي تعاني منه النظرية.
ونجد صدى هذه النظرية - كما ألمحت - عند ابن سينا، فقد جاء في كتابه ﴿الإشارات والتنبيهات﴾ (1): فمن الضروري إذا ان يكون جوهر عقلي يلزم عنه: جوهر عقلي وجرم سماوي، ومعلوم أن الاثنين انما يلزمان من واحد من حيثيتين.
وتكثر الاعتبارات والجهات ممتنع في المبدأ الأول، لأنه واحد من كل جهة، متعال عن أن يشتمل على حيثيات مختلفة واعتبارات متكثرة، وغير ممتنع في معلولاته، فاذن لم يمكن أن يصدر عنه أكثر من واحد، وأمكن أن تصدر عن معلولاته.
ولعله لما أشرت اليه من الوهن الذي تعاني منه نظرية العقول الفلكية عدل المتأخرون من الحكماء عن ربط النظرية بالأفلاك السماوية إلى ما يعرف بنظرية العقول الطولية.
3 - نظرية العقول الطولية:
وفحوى هذه النظرية كما يحرره السيد الطباطبائي هو: أن أول صادر منه تعالى عقل واحد يحاكي بوجوده الواحد الظلي وجود الواجب تعالى في وحدته.
ثم إن (هذا) العقل الأول وإن كان واحدا في وجوده بسيطا في صدوره، لكنه لمكان امكانه تلزمه ماهية اعتبارية غير أصيلة، لأن موضوع الامكان هو الماهية، ومن وجه آخر هو يعقل ذاته ويعقل الواجب تعالى فتتعدد فيه الجهة، ويمكن ان يكون لذلك مصدرا لأكثر من معلول واحد.

(١) ص ٦٤٥.
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»