بل قالوا:
ان الأول هو موجود بسيط، صدر عنه محرك الفلك الأعظم.
وصدر عن محرك الفلك الأعظم الفلك الأعظم ومحرك الفلك الثاني الذي تحت الأعظم، إذ كان هذا المحرك مركبا من ما يعقل من الأول وما يعقل من ذاته.
وهذا خطأ على أصولهم، لأن الفاعل والمفعول هو شئ واحد في العقل الانساني فضلا عن العقول المفارقة.
وهذا كله ليس يلزم قول أرسطو، فان الفاعل الواحد الذي وجد في الشاهد يصدر عنه فعل واحد، ليس يقال مع الفاعل الأول الا باشتراك الاسم.
وذلك أن الفاعل الأول الذي في الغائب فاعل مطلق، والذي في الشاهد فاعل مقيد.
والفاعل المطلق لا يصدر عنه الا فعل مطلق، والفعل المطلق ليس يختص بمفعول دون مفعول. (1).
ونستخلص من هذا النص النقاط التالية:
1 - قدم النظرية، ذلك انها ترجع في تاريخ نشوئها إلى عهود الفلسفة الإغريقية.
2 - ان سبب نشأتها يرجع إلى أن الفلاسفة اليونانيين كانوا يذهبون إلى ثنائية المبدأ الأول فيعتقدون باله للخير وإله للشر، ثم قالوا بوحدانية المبدأ الأول، وبالمقارنة بين وحدته وكثرة العالم المخلوق له جاء سؤال: (كيف تصدر هذه الكثرة عن تلك الوحدة) يفرض نفسه عليهم، فذهبوا يلتمسون له الإجابة.
3 - ثم تسربت النظرية من عالم الفلسفة اليونانية إلى عالم الفلسفة الاسلامية، فقال بها أبو نصر الفارابي (ت 339 هجري) وابن سينا (ت 428 هجري).
4 - ثم تطورت النظرية في عصر ابن رشد (ت 595 هجري) إلى أن الواحد الأول (1) تهافت التهافت 296 - 302.