خلاصة علم الكلام - الدكتور عبد الهادي الفضيلي - الصفحة ٢٩٤
بيان دليل الشيعة:
قال الفاضل المقداد: ان الإمامة لطف، وكل لطف واجب على الله، فالامامة واجبة على الله تعالى.
أما الكبرى فقد تقدم بيانها.
وأما الصغرى فهو أن اللطف - كما عرفت - ما يقرب العبد إلى الطاعة ويبعده عن المعصية، وهذا المعنى حاصل في الإمامة.
وبيان ذلك:
أن من عرف عوايد الدهماء وجرب قواعد السياسة، علم ضرورة أن الناس إذا كان لهم رئيس مطاع مرشد فيما بينهم يردع الظالم عن ظلمه والباغي عن بغيه وينتصف للمظلوم من ظالمه، ومع ذلك يحملهم على القواعد العقلية والوظائف الدينية ويردعهم عن المفاسد الموجبة لاختلال النظام في أمور معاشهم وعن القبائح الموجبة للوبال في معادهم بحيث يخاف كل مؤاخذته على ذلك، كانوا مع ذلك إلى الصلاح أقرب ومن الفساد أبعد، ولا نعني باللطف الا ذلك، فتكون الإمامة لطفا وهو المطلوب.
واعلم: أن كل ما دل على وجوب النبوة فهو دال على وجوب الإمامة، إذ الإمامة خلافة عن النبوة، قائمة مقامها الا في تلقي الوحي الإلهي بلا واسطة، وكما أن تلك واجبة على الله تعالى في الحكمة، فكذا هذه (1).
ويرجع هذا الاختلاف بين المذهبين الشيعي والسني إلى مدى سعة وضيق جهة الالتقاء بين النبوة والإمامة.
ذلك أن الشيعة يرون أن الإمامة في وظيفتها هي امتداد للنبوة، فكما كانت وظيفة النبي تتمثل في ممارسته للسلطتين الدينية والسياسية، وان السلطة السياسية هي من الدين وليست اجتهادا من النبي لأن النبي - في رأيهم - غير ممكن أن يرجع إلى اجتهاد، لأن الاجتهاد عرضة للخطأ، ولأن نتائجه ظنية، والنبي معصوم، والمعصوم لا يخطأ.
مضافا اليه: أن احكامه التي يقوم بتطبيقها بصفته رئيسا للدولة، أي سياسيا،

(1) النافع يوم الحشر 67 - 68.
(٢٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 ... » »»