خلاصة علم الكلام - الدكتور عبد الهادي الفضيلي - الصفحة ٢٩٨
دليل الشيعة:
واستدل الشيعة بقوله تعالى: (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين) - البقرة 124 -.
وتقرير الاستدلال بالآية الكريمة:
1 - أن الآية صريحة في أن الإمامة لا تكون لأحد الا بجعل من الله تعالى، أي بتعيين منه.
2 - ان الإمامة عهد الله، أي مسؤولية إلهية مهمة فلا تناط الا بمن لديه أهلية القيام بها، وهي أن يكون غير ظالم لنفسه أو لغيره، وهذا لا يتحقق الا إذا كان الامام معصوما، لأن العصمة ملكة ثابتة ودائمة، وبعكسها العدالة فإنها قابلة للحدوث والتجدد، ففي حالة زوالها تزول معها الإمامة، لأن المشروط عدم عند عدم شرطه.
وجاء في بعض تفسيرات الآية: أن المراد بالإمامة هنا النبوة، ورده السيد الطباطبائي بقوله: قوله تعالى:
(اني جاعلك للناس إماما) أي مقتدى يقتدي بك الناس، ويتبعونك في أقوالك وأفعالك.
فالامام هو الذي يقتدي ويأتم به الناس، ولذلك ذكر عدة من المفسرين أن المراد به النبوة، لأن النبي تقتدي به أمته في دينهم، قال تعالى: (وما أرسلنا من رسول الا ليطاع بإذن الله) - النساء 63 -، لكنه في غاية السقوط.
أما أولا ، فلأن قوله: (إماما) مفعول ثان لعامله الذي هو قوله: (جاعلك) واسم الفاعل لا يعمل إذا كان بمعنى الماضي، وانما يعمل إذا كان بمعنى الحال أو الاستقبال، فقوله: (اني جاعلك للناس إماما) وعدله عليه السلام - بالإمامة في ما سيأتي، مع أنه وحي لا يكون الا مع نبوة، فقد كان (ع) نبيا قبل تقلده الإمامة، فليست الإمامة في الآية بمعنى النبوة (ذكره بعض المفسرين).
وأما ثانيا: فلأنا بينا في صدر الكلام: أن قصة الإمامة انما كانت في أواخر عهد إبراهيم (ع) بعد مجئ البشارة له بإسحاق وإسماعيل، وانما جاءت الملائكة بالبشارة في
(٢٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 ... » »»