خلاصة علم الكلام - الدكتور عبد الهادي الفضيلي - الصفحة ٢٩٣
قلنا:
استغني عن نقله بالاجماع، أو كان من قبيل ما لا يمكن نقله من قرائن الأحوال التي لا يمكن معرفتها الا بالمشاهدة والعيان لمن كان في زمن النبي (ص).
الثاني: أن فيه دفع ضرر مظنون وأنه واجب إجماعا.
بيانه: أنا نعلم علما يقارب الضرورة أن مقصود الشارع فيما شرع من المعاملات والمناكحات والجهاد والحدود والمقاصات واظهار شعار الشرع في الأعياد والجمعات، انما هو مصالح عائدة إلى الخلق معاشا ومعادا، وذلك لا يتم الا بامام يكون من قبل الشارع يرجعون اليه فيما يعن لهم، فإنهم - مع اختلاف الأهواء وتشتت الآراء، وما بينهم من الشحناء - قلما ينقاد بعضهم لبعض، فيفضي ذلك إلى التنازع والتواثب، وربما أدى إلى هلاكهم جميعا، ويشهد له التجربة، والفتن القائمة عند موت الولاة إلى نصب آخر، بحيث لو تمادى لعطلت المعايش، وصار كل أحد مشغولا بحفظ ماله ونفسه تحت قائم سيفه، وذلك يؤدي إلى رفع الدين وهلاك جميع المسلمين.
فان قيل:
وفيه اضرار، وأنه منفي بقوله عليه السلام: (لا ضرر ولا ضرار في الاسلام).
وبيانه من ثلاثة أوجه:
الأول:
تولية الانسان على من هو مثله ليحكم عليه فيما يهتدي اليه وفيما لا يهتدي إضرار به لا محالة.
الثاني: قد يستنكف عنه بعضهم كما جرت به العادة، فيفضي إلى الفتنة.
الثالث:
أنه لا يجب عصمته - كما سيأتي - فيتصور منه الكفر والفسوق، فإن لم يعزل أضر بالأمة بكفره وفسقه، وان عزل أدى إلى الفتنة.
قلنا:
الاضرار اللازم من تركه أكثر بكثير، ودفع الضرر الأعظم عند التعارض واجب (1).

(1) المواقف 395 - 396.
(٢٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 285 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 ... » »»