خلاصة علم الكلام - الدكتور عبد الهادي الفضيلي - الصفحة ٢٩٦
وحاول الدكتور احمد محمد صبحي في كتابه (الزيدية) أن يدافع عن أهل السنة ويدفع عنهم القول بالفصل بين الدين والدولة بقوله: على أنه من الخطأ تصور موقف أهل السنة فصلا بين السياسة والدين، وانما هو مجرد تفرقة بين شرع مصدره الكتاب والسنة وسياسة قائمة على الاجتهاد الذي هو بدوره مصدر من مصادر التشريع في الاسلام، ولم يعرف الفصل التام بين السياسة والدين الا بعد سقوط الخلافة العثمانية، وبتأثير من الفكر السياسي الأوربي (1).
والمستغرب من الدكتور صبحي أنه لم يفرق بين المصدر والوسيلة، فاعتد الاجتهاد - وهو وسيلة ينتهجها المجتهد لاستنباط واستخراج الحكم الشرعي من مصدره وهما الكتاب والسنة - مصدرا من مصادر التشريع.
وظني أنه التبس الأمر عليه بين القياس وأمثاله من مصادر أخرى غير الكتاب والسنة، وبين الاجتهاد، ولم يدرك أن الاجتهاد طريقة يستخدمها المجتهد لأخذ الحكم من هذه المصادر.
فالقياس والاجماع والاستحسان وأمثالها أمور قائمة في واقها كالكتاب والسنة، والفارق ان من لم يكن مجتهدا لا يقوى على استفادة الحكم منها، وبعكسه من كان مجتهدا فإنه يستطيع إذا استعمل اجتهاده أن يستفيد الحكم منها.
وبالإضافة إلى ما تقدم استدل كل من الشيعة والسنة بالقرآن الكريم على رأيه في وجوب نصب الإمام بالتعيين الإلهي أو الاختيار من قبل الناس.
دليل السنة :
استدل أهل السنة بقوله تعالى: (وأمرهم شورى بينهم) - الشورى 38.
والشورى لغة - اسم من المشاورة، يقال: شورى ومشاورة وتشاور ومشورة - بضم الشين وسكون الواو - ومشورة بسكون الشين وفتح الواو -.
وتعني المفاوضة في الكلام بمراجعة البعض إلى البعض لاستخراج الرأي.

(١) ص ٣٠.
(٢٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 ... » »»