خلاصة علم الكلام - الدكتور عبد الهادي الفضيلي - الصفحة ٣٠٥
المؤمنين علي (ع) وقال عاطفا على ما تقدم: (من كنت مولاه فهذا مولاه) - وفي روايات أخر (فعلي مولاه) - (اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله)، فأتى عليه الصلاة والسلام بجملة يحتمل لفظها معنى الجملة الأولى التي قدمها، وهو أن لفظة (مولى) تحتمل معنى (أولى) وان كانت تحتمل غيره، فيجب ان يكون أراد بها المعنى المتقدم على مقتضى استعمال أهل اللغة.
وإذا كانت هذه اللفظة تفيد معنى الإمامة بدلالة أنهم يقولون:
(السلطان أولى بإقامة الحدود من الرعية) و (المولى أولى بعبده) و (ولد الميت أولى بميراثه من غيره) وقوله سبحانه: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) لا خلاف بين المفسرين أن المراد: أنه أولى بتدبير المؤمنين والأمر والنهي فيهم من كل أحد منهم.
وإذا كان النبي أولى بالخلق من أنفسهم من حيث كان مفترض الطاعة عليهم وأحق بتدبيرهم وأمرهم ونهيهم وتصرفهم بلا خلاف، وجب أن يكون ما أوجبه لأمير المؤمنين (ع) فيكون أولى بالمؤمنين من حيث إن طاعته مفترضة عليهم وأمره ونهيه مما يجب نفوذه فيهم، وفرض الطاعة يتحقق بالتدبير من هذا الوجه لا يكون الا للنبي أو الامام، فإذا لم يكن (ع) نبيا وجب أن يكون إماما.
وأما الطريقة الأخرى في الاستدلال بهذا الخبر فهي: أن لا نبني الكلام على المقدمة، ونستدل بقوله: (من كنت مولاه) من غير اعتبار ما قبله، فنقول:
معلوم أن النبي أوجب لأمير المؤمنين أمرا كان واجبا له لا محالة، فيجب أن يعتبر ما تحتمله لفظة (مولى) من الأقسام وما يصح كون النبي مختصا به منها وما لا يصح وما يجوز أن يوجبه لغيره في تلك الحالة، وما لا يجوز.
وجميع ما تحتمله لفظة (مولى) ينقسم إلى أقسام:
منها لم لم يكنه عليه الصلاة والسلام، وهو (المعتق) و (الحليف) لأنه لم يكن حليفا لأحد، والحليف: الذي يحالف قبيلة وينسب إليها، ليتعزز بها.
ومنها ما كان عليه السلام - ومعلوم لكل أحد - أنه لم يرده، وهو :
(٣٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 ... » »»