خلاصة علم الكلام - الدكتور عبد الهادي الفضيلي - الصفحة ٢٨٣
لنا أن نستخلص منه دلالته على أنه شعر قد انفرد بخصائصه عن كل شعر جاء بعده من شعر أهل الاسلام.
فإذا صح ذلك - وهو عندي صحيح لا أشك فيه - وجب أن ندرس هذا الشعر دراسة متعمقة ملتمسين فيه هذه القدرة البيانة التي يمتاز بها أهل الجاهلية عمن جاء بعدهم، ومستنبطين من ضروب البيان المختلفة التي أطاقتها قوى لغتهم وألسنتهم.
فإذا تم لنا ذلك فمن الممكن القريب يومئذ أن نتلمس في القرآن الذي أعجزهم بيانه خصائص هذا البيان المفارق لبيان البشر (1).
وذهب السيد الطباطبائي إلى أن القرآن الكريم بصفته معجزة خالدة هو معجز في المعنى كما هو معجز في المبنى، قال في تفسير الآية: (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا):
وفي الآية تحد ظاهر، وهي ظاهرة في أن التحدي بجميع ما للقرآن من صفات الكمال الراجعة إلى لفظه ومعناه لا بفصاحته وبلاغته وحدها، فان انضمام غير أهل اللسان إليهم لا ينفع في معارضة البلاغة شيئا، وقد اعتنت الآية باجتماع الثقلين وإعانة بعضهم لبعض.
على أن الآية ظاهرة في دوام التحدي، وقد انقرضت العرب العرباء أعلام الفصاحة والبلاغة اليوم فلا أثر منهم، والقرآن باق على اعجازه متحد بنفسه كما كان (2).
وخلاصة ما انتهى اليه مالك بن نبي في دراسته هي:
1 - ان النبوة ظاهرة دينية مستمرة تتكرر بانتظام منذ أول نبي بعث إلى البشر حتى خاتمهم نبينا محمد (ص).
واستمرار ظاهرة تتكرر بنفس الكيفية يعتبر شاهدا علميا يمكن استخدامه لتقرير

(1) الظاهرة القرآنية - المقدمة 26 - 32.
(2) الميزان 13 / 201.
(٢٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 278 279 280 281 282 283 284 285 289 290 291 ... » »»