1 - ان القرآن الكريم مؤلف من كلمات مركبة من حروف وأصوات متتابعة يتلو بعضها بعضا، فيعدم السابق منها بوجود لاحقه. والقديم لا يجوز عليه العدم، وإذا انتفى قدمه ثبت حدوثه. وهو المطلوب.
وقرره القاضي المعتزلي بطريق آخر، قال: ان الكلام لا يعقل ولا يفيد الا بأن يتولى حدوث حروفه على نظم مخصوص.
وما هذا حاله محال ان يكون قديما.
كما أن المشي لا يعقل الا بتوالي حدوث الحركات فمحال قدمها مع ذلك (1).
2 - ان القرآن الكريم لو كان قديما لزم من ذلك الكذب عليه تعالى. ولأن الكذب باطل في حقه تعالى يكون قدم القرآن مثله باطلا.
وتقرير هذا :
أنه تعالى أخبر بارسال نوح (ع) بقوله: (إنا أرسلنا نوحا إلى قومه)، فلو كان القرآن أزليا يكون هذا الاخبار أزليا أيضا، ويكون المخبر به - وهو ارسال نوح - قبل الأزل.
وهو معنى قولنا يلزم منه الكذب. تعالى الله عن ذلك.
ولئلا نقع في مثل هذا المحذور الباطل لا مناص من القول بحدوث القرآن.
3 - أن القرآن الكريم لو كان قديما لزم منه العبث الممتنع في حقه تعالى.
وتقريره:
أن في القرآن أوامر أمثال قوله تعالى: (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة).
فلو كان القرآن أزليا كانت أوامره مثله أزلية.
ومعنى هذا حصول الأمر والنهي من دون وجود مكلف يخاطب بهما إذ لا مكلف في الأزل.