له كن فيكون)، الآية من غرر الآيات القرآنية (التي) تصف كلمة الايجاد، وتبين أنه تعالى لا يحتاج في ايجاد شئ مما أراده إلى ما وراء ذاته المتعالية من سبب يوجد له ما أراده أو يعينه في ايجاده أو يدفع عنه مانعا يمنعه.
وقد اختلف تعبيره تعالى عن هذه الحقيقة في كلامه، فقال: (انما قولنا لشئ إذا أردناه أن نقول له كن فيكون) - النحل 40 - وقال: (وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون) البقرة 117 -.
فقوله (انما أمره). الظاهر أن المراد بالأمر الشأن، وقوله في آية النحل المنقولة آنفا (انما قولنا لشئ إذا أردناه)، وإن كان يؤيد كون الأمر بمعنى القول، وهو الامر اللفظي بلفظة (كن)، الا أن التدبر في الآيات يعطي ان الغرض فيها وصف الشأن الإلهي عند إرادة خلق شئ من الأشياء.
لا بيان أن قوله تعالى عند خلق شئ من الأشياء هذا القول دون غيره.
فالوجه حمل القول على الأمر بمعنى الشأن، بمعنى أنه جئ به لكونه مصداقا للشأن، لا حمل الأمر على القول بمعنى ما يقابل النهي.
وقوله:
(إذا أراد شيئا) أي إذا أراد إيجاد شئ، كما يعطيه سياق الآية.
وقد ورد في عدة من الآيات (القضاء) مكان (الإرادة) كقوله: (إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون).
ولا ضير فالقضاء هو الحكم، والقضاء والحكم والإرادة من الله شئ واحد، وهو كون الشئ الموجود بحيث ليس له من الله سبحانه الا أن يوجد.
فمعنى (إذا أردناه) إذا أوقفناه موقف تعلق الإرادة. وقوله: (ان يقول له كن) خبره (انما امره) أي يخاطبه بكلمة (كن).
ومن المعلوم انه ليس هناك لفظ يتلفظ به، والا احتاج في وجوده إلى لفظ آخر، وهلم جرا. فيتسلسل.
ولا ان هناك مخاطبا ذا سمع يسمع الخطاب فيوجد به، لأدائه إلى الخلف.