خلاصة علم الكلام - الدكتور عبد الهادي الفضيلي - الصفحة ١٣٤
وفي الآيات للتلويح إلى هذه الحقائق إشارات لطيفة كقوله تعالى : (كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون) - آل عمران 59 -، وقوله تعالى: (وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر) - القمر 50 -، وقوله تعالى: (وكان أمر الله قدرا مقدورا) - الأحزاب 38، إلى غير ذلك.
وقوله في آخر الآية: (فيكون) بيان لطاعة الشئ المراد له تعالى، وامتثاله لأمر (كن) ولبسه الوجود (1).
وفي كلام الامام أمير المؤمنين (ع) ما يلخص الموضوع وافيا ويدل عليه كافيا، قال (ع): يقول لمن أراد كونه: (كن فيكون)، لا بصوت يقرع، ولا بنداء يسمع، وانما كلامه سبحانه فعل منه أنشأه ومثله، لم يكن من قبل ذلك كائنا، ولو كان قديما لكان إلها ثانيا.
وفي حديث صفوان بن يحيى عن الإمام الرضا (ع)، قال يحيى: قلت لأبي الحسن (ع) عن الإرادة من الله ومن المخلوق.
قال: فقال:
الإرادة من المخلوق الضمير وما يبدو له بعد ذلك من الفعل.
وأما من الله عز وجل فإرادته إحداثه لا غير ذلك، لأنه لا يروي ولا يهم ولا يتفكر، وهذه الصفات منفية عنه، وهي من صفات الخلق.
فإرادة الله هي الفعل لا غير ذلك، يقول له: كن، فيكون، بلا لفظ ولا نطق بلسان، ولا همة، ولا تفكر، ولا كيف لذلك، كما أنه بلا كيف (2).
3 الامامية والزيدية والأباضية والمعتزلة:
ذهبوا إلى القول بخلق القرآن وحدوثه.
واستدلوا على هذا بما خلاصته:
أ - من العقل:

(1) الميزان 17 / 114 - 116.
(2) التوحيد للصدوق 147.
(١٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 ... » »»