وذلك لأنهم لا يريدون أكثر من اثبات حدوث هذا القرآن المتداول حفظا وكتابة، لأنهم لا يؤمنون بقرآن آخر وراء هذا القرآن، إذ لم يقولوا بان لله كلاما آخر غير هذا القرآن، دل عليه هذا القرآن. وفكرة الكلام النفسي ناقشوها مسبقا وانتهوا إلى بطلانها، وهم الآن بصدد اثبات حدوث هذا القرآن المتداول.
ونخلص من هذا إلى:
1 - ان اعتبار القرآن الكريم بألفاظه والمداد الذي كتب به والورق الذي دون عليه صفة التكلم الإلهية الأزلية القائمة بذاته تعالى، فكرة غير مقبولة، لأنها انكار لضرورة العقل وبداهة الوجدان.
2 - ان القول بأن القرآن حقيقة هو الكلام النفسي، وهذا المصحف الذي بين أيدينا دال عليه، هي الأخرى فكرة غير مقبولة، لان ما لا يتعقل لا يقبل، ولأنه لم يبرهن عليها بما يفيد اليقين بها.
3 - وعليه:
ان القرآن حقيقة هو هذا الذي بين أيدينا، وانه محدث، خلقه الله تعالى، وأنزله عن طريق الوحي على رسوله الكريم محمد بن عبد الله (ص)، وقرأه الرسول (ص) بلسانه الشريف، وبلغه للناس كما أمره ربه تعالى، وتلقاه المسلمون المعاصرون له، ثم الذين من بعدهم جيلا بعد جيل، كما نزل عليه، وكما قرأه عليهم.
وأضيف إلى ما يقدم:
1 - اننا لم نجد في القرآن الكريم ما يشير به الله تعالى من قريب أو من بعيد، إلى القرآن الأزلي (الكلام النفسي).
2 - والذي وجدناه في أكثر من آية هو ان الله تعالى يشير إلى هذا القرآن الذي بين أيدينا، وهذا نص منه تعالى على أنه هو القرآن. لا ما يدعى أو يتوهم من أن هناك آخر غيره قديما.
وقد جاء هذا في اثنتي عشرة آية هي: