وقد يتوهم البعض أن أحاديث الغلاة محصورة في ما يعود إلى إضفاء صفة الربوبية أو النبوة إلى الأئمة، وهذا وهم فنده الإمام الصادق عليه السلام حين قدم لنا أنموذجين من تلك الأحاديث ليس لهما صلة بمفهوم الربوبية أو النبوة، فقال عليه السلام: " أما المغيرة فإنه يكذب على أبي، قال: حدثه (أبي) أن نساء آل محمد إذا حضن قضين الصلاة! وكذب والله، عليه لعنة الله، ما كان من ذلك شئ ولا حدثه.
وأما أبو الخطاب فكذب علي وقال: إني أمرته ألا يصلي هو وأصحابه المغرب حتى يروا كوكب كذا، يقال له: (القنداني)، والله إن ذلك لكوكب ما أعرفه " (1)!!
فكيف يقال بعد ذلك إن أحاديث الغلاة محصورة في معاني الربوبية والحلول والنبوة؟
إنه لا بد من وقفة علمية دقيقة على الأسانيد وعلى المتون أيضا كما هو مألوف عند الفقهاء في أحاديث الأحكام والعبادات، وهذه الضرورة قد عمل بها غير واحد من علماء الإمامية المتقدمين:
- سئل يونس بن عبد الرحمن فقيل له: يا أبا محمد، ما أشدك في الحديث وأكثر إنكارك لما يرويه أصحابنا، فما الذي يحملك على رد الأحاديث؟
فقال: حدثني هشام بن الحكم أنه سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول: " لا تقبلوا عنا حديثا إلا ما وافق القرآن والسنة، أو تجدون معه شاهدا من أحاديثنا المتقدمة، فإن المغيرة بن سعيد لعنه الله دس في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدث بها أبي، فاتقوا الله ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربنا تعالى وسنة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم ".