حوار في العمق من أجل التقريب الحقيقي - صائب عبد الحميد - الصفحة ٨٢
وبعد أن مضى في البرهان على ذلك بنماذج حية انتخبها من التراث، أكد ضرورة التصحيح بهذه الملاحظة الهامة، فقال: " لا سيما مع الفوضى التي أحاطت بالأحاديث الواردة عن الأئمة عليهم السلام من وضاع الحديث الذين كانوا لا يكتفون بنقل الأحاديث الموضوعة بشكل مباشر، بل كانوا يدسونها في كتب أصحاب الأئمة الموثوقين كزرارة ومحمد بن مسلم وأمثالهما - ليدخل الحديث الموضوع إلى الذهنية الإسلامية العامة من خلال هؤلاء الثقات الذين لا يدخل الريب إلى ما ينقلونه عن الأئمة انطلاقا من وثاقتهم.
الأمر الذي يفرض الكثير من التوقف عند هذا اللون من الحديث المتصل بتفاصيل العقيدة، سواء من ناحية ما يحيط بالسند من علامات استفهام متنوعة، أو ما يوحي به المتن من التساؤلات " (1).
وهكذا كثر هذا النوع من الحديث وانتقل إلى كتب الشيعة..
ولا يكفي في مواجهته كون الرواة من الغلاة مذكورين في كتب الرجال، فهذا قدر لا ينتفع به إلا أهل التحقيق الذين تجردوا من كل هوى، وهم الندرة دائما في كل عصر ومصر..
وأمام هذين الاتجاهين من الوضع تبدو المسألة أكثر يسرا، حين كانت كتب الرجال قد عرفت النواصب والغلاة..
وحين كان النواصب بحكم المنافقين على ما في الحديث الصحيح " لا يبغضك إلا منافق ".. والغلاة بحكم الكفار لسوء معتقدهم.. ولا خلاف في أن المنافقين والكفار معا لا يؤتمنون على هذا الدين، فلو ابتدأ المشروع التصحيحي بطرح أحاديث النواصب والغلاة من تراثنا الإسلامي

(1) مجلة الفكر الجديد الصادرة عن دار الإسلام للدراسات والنشر - لندن - العدد 9 - ص 6 - 8.
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»