البعد الأول: العقائد لقد ظهرت في هذا العهد - ومجاراة للسياسة الأموية - عقيدتان، هما:
القول بالجبر، والقول بالإرجاء.
وفي مقابل القول بالجبر ظهرت عقيدة مناقضة تقول بالتفويض، أما الإرجاء فكان يقابل الخوارج في تكفير مرتكب الكبيرة، فظهر بين القولين القول بالمنزلة بين المنزلتين.
يقول الدكتور سامي النشار: إن انتهاء حكم الخلافة الراشدة، وانتقاله إلى الأمويين، وتسلطهم على العباد، وابتعادهم عن تطبيق العدالة الإسلامية، كان مقدمة منطقية للحركات المضادة، مما دفعهم إلى العنف الدموي، فاحتاجوا حينئذ إلى تأويل بعض الآيات القرآنية التي يدل ظاهرها على الجبر لتسويغ أعمالهم والقول بأن الإرادة الإلهية اقتضت أن يفعلوا ذلك، وأنهم مجبرون في أعمالهم، أو أن تلك الإرادة هي التي قدرت أن يأتوا إلى الحكم ليفعلوا ما فعلوا.
وإن دعوة الأمويين لتثبيت دعائم هذه النظرية كانت سببا مهما لظهور الاتجاه القدري الذي أنكر الجبر ونادى بحرية الاختيار الإنساني (1).
وفي لجة النزاع ظهر كثير من الحديث الموضوع تدعم به كل طائفة أقوالها وتهدم به أقوال خصومها، وهذا ظاهر في أدنى مراجعة للأحاديث التي ظهرت فيها أسماء الفرق صريحة..
- كحديث: " صنفان من أمتي لا يدخلون الجنة: القدرية، والمرجئة ".
- وحديث: " القدرية مجوس هذه الأمة، فإن مرضوا فلا تعودوهم، وإن ماتوا فلا تشهدوهم ".
- وحديث: " الإيمان بالقدر نظام التوحيد ".