حوار في العمق من أجل التقريب الحقيقي - صائب عبد الحميد - الصفحة ٦٢
دفاع عن المدارس الحديثة ينبغي أن يقال انسجاما مع الموقف العلمي الدقيق: إنه حين تكون هذه الانتقادات دقيقة ووجيهة وجديرة بالاعتبار، فلا يعني ذلك ضرورة إبطال هذه التفاسير الحديثة بالكامل، وذلك لعدة أسباب:
1 - إذا نظرنا إلى هذه التفاسير على أنها محاولات جديدة في فهم معاني القرآن وأهدافه، من غير أن تكون بدائل حتمية عن التفاسير القديمة.
2 - إن القرآن الكريم لم يكن وقفا على عصر واحد أو عصور محددة، بل هو كتاب الهداية إلى يوم الدين، ولقد نجحت التفاسير الحديثة في مخاطبة أبناء عصرها باللغة التي تناسب الأغلبية الساحقة من أبناء الوسط القارئ، إذ لا ينكر أن التفاسير القديمة تكاد تكون محصورة بين أصحاب التخصص والتحصيل العالي لما اشتملت عليه من بحوث معقدة في اللغة أو الفقه أو الكلام.
ومن المسائل الجديرة بكل عناية هي مخاطبة عموم الأمة لا خصوص طبقة معينة فيها، وهذه المزية تعد من أهم مزايا التفاسير الحديثة.
3 - التفاسير الحديثة نقية من الإسرائيليات والخرافات التي ابتليت بها جل التفاسير القديمة.
4 - استطاعت التفاسير الحديثة إلى حد كبير أن تتخلص من العصبيات المذهبية، وإن كانت الهوية المذهبية لكل واحد من هذه التفاسير ظاهرة دائما، غير أنها أقل حدة وأهدأ لهجة وأضيق مساحة مما هي عليه في تفاسير المتقدمين، وهذا وجه إيجابي ممتاز.
5 - إذا كان يؤخذ على التفاسير (العلمية) إغراقها في متابعة الكشوفات العلمية والنظريات الحديثة، فلم لا يقال: أيما أبعد عن أهداف
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»