حوار في العمق من أجل التقريب الحقيقي - صائب عبد الحميد - الصفحة ٣٦
إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته " (1) قال بعض المفسرين: جلس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ناد من أندية قريش وفيه جمع كبير، فتمنى عندئذ أن لا يأتيه من الله شئ ينفرهم عنه، فأنزل الله عليه سورة النجم فقرأها عليهم حتى إذا بلغ " أفرأيتم اللات والعزى * ومناة الثالثة الأخرى " ألقى عليه الشيطان كلمتين: (تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لترتجى) فقرأها النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم أتم قراءة السورة فسجد في آخرها وسجد القوم جميعا معه، ورضي المشركون بذلك، فلما أمسى النبي أتاه جبريل فقال له: يا محمد، ماذا صنعت؟ لقد تلوت على الناس ما لم آتك به عن الله!!
فحزن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حزنا شديدا وقال: افتريت على الله، وقلت على الله ما لم يقل!! وما زال مغموما مهموما حتى نزلت عليه هذه الآية تسليه: " وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم ".
هذه القصة التي رقص على نغماتها المغرضون، وطال حولها نزاع المسلمين، أخرجها الطبري في تفسيره من تسعة طرق (2) بل قال الرازي: هذه رواية عامة المفسرين الظاهريين.
هذا مع أن أهل التحقيق قالوا فيها: إنها قصة باطلة موضوعة: - سئل عنها خزيمة، فقال: هذا وضع من الزنادقة. ثم صنف فيها كتابا في إثبات قوله هذا..
وقال أبو بكر البيهقي: هذه قصة غير ثابتة من جهة النقل. ثم أثبت أن

(١) الحج ٢٢: 52.
(2) تفسير الطبري 10: 186 - 189.
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»